تحليلات اقتصادية

سوق مركزي للفاكهة .. فرصة لإحياء الاقتصاد الزراعي

الجمعة 31 أكتوبر 2025-

في هذه الحظة التاريخية الت تعيشها البلد، من حصار وعدوان ووضع اقتصادي صعب لا يخفى على أحد، يتطلب من صناع القرار في اليمن إعادة تعريف الأولويات الاقتصادية خاصة دعم القطاع الخاص الذي يعتبر أحد أبرز أعمدة الاقتصاد الوطني، والاهتمام بشكل كبير بالقطاع الزراعي، وذلك بالاهتمام في التوسع في الزراعة خاصة أن اليمن ولله الحمد تزرع كل شيء، وكذلك في الاهتمام بتسويق المنتجات الزراعية ليس داخل اليمن فحسب، بل وتصدير المنتجات الزراعية للخارج.

 تبرز مبادرة أمين شرف العشاري، المعروف بلقب “ملك الفواكه”، كنموذج ريادي يستحق أن يُحتضن رسميًا مشروع إنشاء سوق مركزي متخصص في تجميع وتغليف وتصدير الفواكه اليمنية بقيادة هذا الشاب الطموح، مشروع وطني ليس مجرد توسع تجاري، بل فرصة استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد من القاعدة، عبر الزراعة، التشغيل، والتصدير، خاصة ان اليمن اليوم تتجه نحو الاهتمام بالقطاع الزراعي.

ما شدني للكتابة عن هذا الموضوع هو ما كتبه الأستاذ الصحفي المعروف الأستاذ معاذ الخميسي في منشور له على الفيس بوك تحت عنوان

 سوقاً مركزياً للفواكه.. وليس للقات…!؟

▪قائلا .. ️هذا الرجل أمين شرف العشاري، أتمنى أن أراه ذات يوم وقد فتح سوقاً مركزياً أنيقاً وبارزاً للفواكه في حدة أو الخمسين ومناطق أخرى. ففيه من النشاط والمعرفة والدقة والأمانة والرجولة والشهامة والذكاء والنقاء والوفاء ما يضمن نجاحه وتميزه وتوفير كل الفواكه باختلاف أنواعها وجودتها وأسعارها. لتكن في متناول الجميع

▪️ ما نراه جميعاً ونلمسه أن ظاهرة أسواق القات المركزية في حدة والخمسين مثلاً تجد اهتماماً وتوسعاً مخيفاً ومرعباً. رغم ما تسببه من ازدحامات شديدة لشوارع كبيرة. وما تساهم به منذ زمن طويل وإلى اليوم وبشكل رئيسي في الفقر والمرض والتخلف…!!!؟

▪️والسؤال المهم إذا ما سعى أمين في ذلك.. هل يجد تعاوناً وتسهيلاً ودعماً.. أم يواجه تعقيداً وصداً وحرباً…؟؟

وبدورنا نظم صوتنا لصوت الخميسي ، فأمين العشاري نجح في بناء سلسلة توريد محلية تشمل المزارعين وتغليف الفواكه بشكل جيد ، واستطاع عبر المنصات الرقمية خاصة الفيس بوك أن يجذب الكثير بأسلوبه وعبر هذه المنصات أيضا استطاع ان يروج عما تجود وتتميز به اليمن من فواكه خاصة العنب والرمان.

والأهم من كل ذلك ان العشاري يحب عمله هذه بشغف كبير، وله علاقات واسعة مع أصحاب رؤوس المال والاعمال الذين يستطيع ان يجذبهم للاستثمار في مشروع أكبر من مجرد محل لبيع الفواكه بل إلى مشروع أكبر، مشروع وطني، كإنشاء سوق مركزي للفواكه اليمنية، سوق غير تقليدي، وإنما بأسلوب علمي حديث يجمع الإنتاج من مختلف المحافظات، ويغلفه وفق معايير علمية دولية ويتم تسويقه لمختلف محافظات الجمهورية، ويصدره أيضا إلى الخارج إلى الخليج وشرق آسيا وأوروبا، خاصة ان المنتجات اليمنية تتميز بجودتها العالية بشهادة الكثير، فقط ينقصن منتجاتنا الاهتمام بالتغليف وكذلك وهو الأهم غياب الثلاجات المركزية، والتي لم تعد مشكلة أو مكلفة في الوقت الراهن كما يرى الكثير من الخبراء في ظل التوسع في الطاقة الشمسية.

كما يجب الاستفادة القصوى من التجارب الناجحة في الدول العربية وغير العربية في مجال الأسواق المركزية العصرية وبالتغليف والترويج والتصدير، وربط المزارعين بالموزعين، وتُستخدم كمراكز تجميع قبل التصدير.

لذا لا بد من الاستفادة القصوى من هذه التجارب، لكن بطابعها الخاص وليس نسخ لصق، فلكل بلد ظروفه، وانشاء سوق مركزي بمواصفات علمية عالية بل عالمية يُدار من صنعاء، ويُربط بشبكة نقل مبردة، ومنصة إلكترونية تسوّق الفواكه اليمنية للعالم سيشكل إضافة اقتصادية كبيرة ليس للعشاري فحسب بل للمجتمع وللدولة.

ما الذي يجب على الدولة فعله؟

الدولة ليست مطالبة بتمويل المشروع بالكامل، بل بخلق بيئة ممكنة للشراكة مع القطاع الخاص، كالعمل على توفير بنية تحتية متكاملة، تشمل الأرضية والتخزين والتغليف والطاقة الشمسية والثلاجات المركزية، وتوفير أسطول من الناقلات الخاصة بنقل الفواكه اليمنية، وتُبسط إجراءات التصدير، وتمنح إعفاءات جمركية للأدوات والمحركات الزراعية، وتقديم القروض الميسرة للمزارعين وفق ضمانات حقيقية، وخلق شركة حقيقية مع القطاع الخاص للاستثمار في هذا الجانب.

 وأن تتبنى المشروع كجزء من سياسة وطنية لإحياء الاقتصاد الزراعي، لا كمبادرة فردية معزولة، فالسوق المركزي للفواكه يمكن أن يكون نواة لاقتصاد إنتاجي بديل، يخلق فرص عمل، ويُحسن الميزان التجاري، ويُعزز الأمن الغذائي لليمن، ويُعيد الاعتبار للريف اليمني كمصدر للثروة لا للهجرة.

واستغلال ما تتميز به اليمن من أرض طيبة وخصبة، فاليمن ليست فقيرة بالموارد، بل غنية بأرضها ومناخها وتنوعها الزراعي، وما ينقصها فقط هو التنظيم، والبنية التحتية، والرؤية الاقتصادية التي ترى في الفاكهة اليمنية وفي المنتجات الزراعية بشكل عام أكثر من مجرد منتج زراعي موسمي، بل سفيرًا اقتصاديًا قادرًا على اختراق الأسواق الإقليمية والدولية ومورد هام للعملة الصعبة.

 ما الذي ستجنيه الدولة؟

في حال تم تنفيذ هذا المشروع ستجني الدولة أكثر مما ستمنح. ستجني عملة صعبة من صادرات غير نفطية، وستُشغّل آلاف الشباب الباحثين عن العمل، وستُقلل الفاقد الزراعي وستقلل فاتورة الاستيراد مقابل زيادة الصادرات، وستُحسن صورة اليمن دوليًا كمصدر موثوق لمنتجات طبيعية عالية الجودة، وستُعيد الاعتبار للزراعة، لا كمهنة تقليدية، بل كقطاع استراتيجي قادر على التطور والنمو.

أخيرا نرى أن دعم مشروع أمين العشاري ليس مجاملة لرائد أعمال ناجح، بل استثمار في مستقبل اليمن الاقتصادي. السوق المركزي للفواكه ليس حلمًا فرديًا، بل يجب ان يكون فرصة وطنية تنتظر قرارًا شجاع من أصحاب القرار وأعتقد أنهم سيفعلون ذلك.

اقرأ أيضا:أزمة سكر مفاجئة في صنعاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى