رغم الحصار لا تزال صنعاء… قلب السوق اليمني النابض

رغم الحصار لا تزال صنعاء… قلب السوق اليمني النابض
رغم الحصار لا تزال صنعاء… قلب السوق اليمني النابض
الأربعاء 10 ديسمبر 2025_
رغم الحصار والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الشعب الميني، والحملات الإعلامية التي تزعم أن صنعاء بيئة طاردة للاستثمار، تكشف المؤشرات الاقتصادية أن العاصمة صنعاء لا تزال المركز الأكبر للنشاط الاقتصادي في اليمن.
فالأسواق في صنعاء تستقطب غالبية المنتجين والمستثمرين من مختلف المحافظات، بفضل القاعدة السكانية الكبيرة، وحالة الاستقرار النسبي، والبنية الإدارية الأكثر اتساقًا مقارنة بمناطق أخرى بالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مختلف المحافظات اليمينة منذ 11 عاما.
ووفق تقارير البنك الدولي، نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي في اليمن انخفض بنسبة 58٪ منذ 2015، لكن الأسواق في صنعاء ما تزال الأكثر نشاطًا بسبب كثافة الطلب.
تشير بيانات التجارة الداخلية إلى أن أكثر من 55٪ من السلع المنتجة محليًا تُسوّق في صنعاء، ما يجعلها مركزًا رئيسيًا للتوزيع والاستهلاك.
القاعدة السكانية في العاصمة وضواحيها (تقدّر بنحو 5 – 7 ملايين نسمة تقريبا) لا توجد إحصاءات مؤكدة – تمثل أكبر كتلة استهلاكية في البلاد، وهو ما يفسر تفضيل التجار تسويق بضائعهم هناك.
اليمن سجل عجزًا تجاريًا بقيمة 5 مليارات دولار في 2023، لكن الأسواق الداخلية في صنعاء حافظت على حيوية نسبية بفضل تدفق السلع الأساسية والمنتجات المحلية.
ورغم التضخم الذي تجاوز 30٪ في مناطق حكومة عدن عام 2024، بقيت الأسعار في صنعاء أكثر استقرارًا نسبيًا بفضل سياسات ضبط السوق.
سياسات الإنتاج الوطني في صنعاء
حكومة صنعاء تتبنى مسارًا اقتصاديًا يقوم على:
تشجيع خطوط الإنتاج الصغيرة والمتوسطة لتغطية الطلب المحلي.
دعم بدائل الاستيراد لتقليل الاعتماد على الخارج وتقليل فاتورة الاستيراد.
بناء قدرة إنتاجية تدريجية نحو الاكتفاء الذاتي، رغم شح الموارد وانعدام التمويلات.
هذه السياسات بدأت تعطي نتائج تراكمية، حيث ارتفعت نسبة المنتجات المحلية في الأسواق بنسبة تقارب 20٪ خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
المفارقة مع نموذج عدن
في المقابل، ورغم أن حكومة عدن تستحوذ على الموارد النفطية والموانئ وتتلقى دعمًا خارجيًا كبيرًا، لم تنجح في خلق بيئة استثمارية مستقرة. تقارير دولية تشير إلى أن مدن الجنوب تحولت إلى بيئات طاردة للاستثمار بسبب الانفلات الأمني وتعدد مراكز النفوذ، إضافة إلى تدهور الخدمات الأساسية.
ومع ما حدث ويحدث حاليا بين حكومة عدن المعترف بها دوليا وبين المجلس الانتقالي من صراع نفوذ سيفضل التجار والمستثمرين الرجوع للعاصمة صنعاء بدلا عن عدن.
لذا تصوير البعض لصنعاء كبيئة اقتصادية طاردة لا يتجاوز كونه جزءًا من حملة إعلامية سياسية تهدف لاستهداف حكومة صنعاء.
فالواقع يقول إن العاصمة صنعاء لا تزال قلب السوق اليمني النابض، وأسواقها هي الوجهة الأولى للمنتجين المحليين، فيما تسير السلطات فيها بخطوات مدروسة لتعزيز الإنتاج الوطني رغم محدودية الإمكانيات. أما نموذج عدن، فرغم موارده الضخمة، يقف أمام اختبار حقيقي فشل حتى الآن في تحويل هذه الموارد إلى تحسن معيشي أو بيئة استثمارية جاذبة.
اقرأ أيضا: الذهب بين صنعاء وعدن… انقسام السوق اليمني في ظل موجة عالمية متقلبة




