الذهب يعود للواجهة كملاذ آمن وسط اضطرابات الأسواق

الذهب يعود للواجهة كملاذ آمن وسط اضطرابات الأسواق
الأربعاء 22 أكتوبر 2025-
تشهد المعادن الثمينة، وفي مقدمتها الذهب والفضة، تحولًا استراتيجيًا في وظيفتها داخل الأسواق المالية، إذ تعود تدريجيًا إلى أداء دورها التقليدي كملاذات آمنة، بعد أن طغى عليها طابع المضاربة خلال السنوات الماضية/، خاصة في ظل الحرقب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
ويأتي هذا التحول في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتنامي المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، إلى جانب تراجع الثقة في بعض العملات الورقية نتيجة السياسات النقدية التوسعية. وقد دفع ذلك المستثمرين والمؤسسات المالية إلى إعادة توجيه محافظهم نحو الأصول المادية ذات القيمة المستقرة، وعلى رأسها الذهب.
وتُظهر بيانات التداول انخفاضًا ملموسًا في حجم المضاربات قصيرة الأجل على المعادن الثمينة، مقابل ارتفاع الطلب على الحيازة الفعلية، سواء من قبل الأفراد أو البنوك المركزية، التي عززت احتياطاتها من الذهب في إطار استراتيجيات تحوط طويلة الأجل.
ويرى محللون أن هذا الاتجاه يعكس عودة الذهب والفضة إلى وظيفتهما الأصلية كأدوات لحفظ القيمة في أوقات عدم اليقين، مؤكدين أن دورهما سيظل محوريًا في المرحلة المقبلة، رغم ما تشهده أسعارهما من تقلبات دورية مرتبطة بعوامل العرض والطلب والسياسات النقدية العالمية.
وبالسبة لليمن رغم امتلاكها لاحتياطيات واعدة من المعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب والفضة، إلا أن القطاع لا يزال يعاني من ضعف التوظيف الاقتصادي، نتيجة التحديات الأمنية والمؤسسية والانقسام السياسي، والتي تعيق في مجملها عمليات التنقيب والاستثمار.
وتتركز أبرز الثروات المعدنية في محافظات مثل حضرموت، حجة، البيضاء، وصنعاء، حيث تشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود مكامن غنية بالذهب والزنك والحديد، من بينها منجم وادي مدن في حضرموت، الذي يُعد من أهم المواقع المعدنية غير المستغلة في البلاد.
ويُنظر إلى الذهب في اليمن بوصفه أداة شعبية لحفظ القيمة، خاصة في ظل تراجع الثقة بالعملة المحلية وتعدد أسعار الصرف بين مناطق السيطرة المختلفة. ومع غياب سياسات نقدية موحدة، يقتصر دور الذهب على التداول الفردي، دون أن يتحول إلى ركيزة اقتصادية مؤسسية.
ويرى خبراء أن تفعيل قطاع المعادن الثمينة يتطلب بيئة استثمارية مستقرة، وإطارًا قانونيًا موحدًا، إلى جانب شراكات دولية تضمن نقل التكنولوجيا وتوفير التمويل، مؤكدين أن هذا القطاع يمكن أن يسهم في دعم التعافي الاقتصادي إذا ما أُعيدت هيكلته ضمن رؤية وطنية شاملة
وبسبب الانقسام السياسي الحالي يشهد اليمن تفاوتًا حادًا في أسعار السلع والخدمات بين صنعاء وعدن، في انعكاس مباشر للانقسام النقدي والمؤسسي الذي يضرب الاقتصاد الوطني منذ سنوات. ويُعزى هذا التفاوت إلى وجود نظامين ماليين متوازيين، لكل منهما عملته وسعر صرفه وسياساته النقدية الخاصة.
ففي حين تعتمد صنعاء على الطبعة القديمة من الريال اليمني، وتفرض قيودًا صارمة على تداول الطبعة الجديدة، تتعامل عدن وبقية مناطق الجنوب بالطبعة الحديثة، التي شهدت تدهورًا كبيرًا في قيمتها أمام العملات الأجنبية، متجاوزة حاجز 2300 ريال للدولار الواحد، بعد ان ارتفاع كبير شهدته خلال الشهور الماضية تجاوز الـ 299 ريال للدولار الواحد، مقارنة بنحو 535 ريالًا في صنعاء.
هذا التباين في سعر الصرف أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات في عدن، حيث يعتمد التجار على الدولار في الاستيراد والتسعير، ما يضاعف من أعباء المعيشة على المواطنين. في المقابل، تحافظ صنعاء على مستويات أسعار أقل نسبيًا، رغم القيود المفروضة على السيولة النقدية وتراجع النشاط التجاري.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هذا الانقسام يهدد بمزيد من التشظي الاقتصادي، ويقوّض فرص التعافي والاستقرار وانعكاس كل ذلك على معيشة المواطن، مؤكدين أن توحيد السياسة النقدية وإعادة بناء المؤسسات المالية الوطنية يمثلان شرطًا أساسيًا لمعالجة الفجوة السعرية واستعادة التوازن الاقتصادي.