الأهداف العسكرية والاقتصادية للعدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران
الثلاثاء24يونيو2025_
في الساعات الأولى من فجر الجمعة الثالث عشر من الشهر الجاري شنت إسرائيل عدوان مباشر ووحشي على إيران ، قالت أنها استهدفت أكثر من 700 هدف ، واستطاعت قتل عدد كبير من ابرز قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعملائها النوويين.
الكثير يتحدث عن السبب الرئيسي لهذا العدوان الذي تم بدعم ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية هو لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، بالرغم من التأكيد الإيراني المتكرر أن برنامجه النووي سلمي ، ولا توجد هناك أي نوايا لصناعة القنبلة النووية.
ورغم العدوان الوحشي على إيران لم تستطع إسرائيل فعلى ذلك خاصة أنها تلقت ضربات موجعة من قبل إيران لم تحدث لها مثل هذه الضربات منذ تأسس هذا الكيان عام 1948م ،فأوكلت المهمة للولايات المتحدة التي وجهت ضربات للمفاعلات النووية يوم فجر الأحد بطائرات الببي 2 الشبح بحوالي 12 قنبلة تزن الواحدة منها حوالي 13 طن ، وقال الرئيس الأمريكي أن المهمة انتهت بنجاح وحان وقت السلام.
ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها إيران ، إلا أنها أي إيران أثبتت قدرتها على الصمود في وجه عقود من الضغوط، وبنت جهازا أمنيا قويا وفعالا في وجه التهديدات الداخلية المعارضة، ومن المرجح أن تعزز هذه الضربات روايتها عن الدفاع عن الوطن من العدوان الخارجي، وحشد الدعم المحلي “مؤقتا على الأقل”، وترسيخ موقفها، واستطاعت أن توجه ضربات مؤلمة لمختلف المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.
وفي خضم هذه التطورات قامت إيران بقصف رمزي على قاعدة العيديد القطرية ردا على استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لمواقعها النووية ، وفي هذا الصدد يرى البعض ان هذا الرد هو لحفظ ماء الوجه لعودة إيران للمفاوضات مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووي، خاصة أن الرئيس الأمريكي أكد اليوم الثلاثاء انه حان وقت السلام.
غير أن هناك من يرى أن السبب المباشر للعدوان الإسرائيلي على إيران والذي يأتي كما قلنا بدعم ومباركة وبعد ذلك مشاركة فعلية أمريكية ليس البرنامج النووي ، وأن الهدف الرئيسي هو إسقاط النظام الإيراني ، وذلك لعودة إيران إلى الحظيرة الأمريكية والتي فقدتها منذ نجاح الثورة الإيرانية في 1979، وتسليم إيران السفارة الإسرائيلية في طهران لمنظمة التحرير الفلسطينية .
خاصة أن إيران تتمتع بموارد هائلة من النفط والغاز ، وتخشى أن تسخر ذلك لحركات المقاومة ضد إسرائيل ، خاصة وأنها تتزعم محور المقامة ضد هذا الكيان.
أيضا هناك من يرى أن من أسباب العدوان الإسرائيلي على إيران هو التقارب الإيراني الكبير خاصة خلال العقدين الماضيين مع الدب الروسي والتنين الصيني، خاصة بعد تشكيل تحالف البريكس، وهو تحالف اقتصادي كبير استطاع أن يجذب إلية الكثير من الدول منها الدول الخليجية التي تبتزها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مستمر تحت مبرر الحماية من إيران ، وأنشأت لها قواعد عسكرية في مختلف الدول الخليجية.
لذلك فأهداف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران هي أهداف اقتصادية في المقام الأول .
وفي هذا الصدد يقول الصحفي عبدالواسع الحمدي نائب رئيس تحرير صحيفة الثورة اليمنية الأسبق ، بأن ليس من الدقة اختزال العدوان الإسرائيلي على إيران في سبب واحد فقط، كبرنامجها النووي، رغم أنه يُشكّل ذريعة رئيسية ومتكررة تُستخدم في الخطاب الغربي والإسرائيلي.
إلا أن السياق الأوسع يُشير إلى أن هناك أهدافًا إستراتيجية أعمق مما نتصور تتجاوز الملف النووي بكثير ، من بينها :
1. الصراع على النظام العالمي الجديد :
إيران تُعدّ اليوم أحد ابرز التكتلات الصاعدة والقوية التي تسعى إلى القضاء على الهيمنة الغربية الأحادية، من خلال :
الانضمام إلى مجموعة البريكس .
دعم مشروع طريق الحرير الصيني.
تعزيز التعاون مع روسيا والصين في ملفات الطاقة، والدفاع، والاقتصاد .
وبالتالي، فإن العدوان على إيران يأتي ضمن محاولات أمريكية – صهيونية لإجهاض أو عرقلة بروز قوى متعددة الأقطاب، وإفشال أي تحالف اقتصادي أو عسكري خارج منظومة “الناتو” يهدد المصالح الاقتصادية والعسكرية الأمريكية الإسرائيلية.
2. إيران كحلقة وصل مهمة في توازن القوى الإقليمية :
إيران تشكل همزة الوصل بين شرق آسيا وغربها، وتتمتع بقدرة على تهديد المصالح الغربية وبالذات في الخليج العربي، والممرات البحرية الإستراتيجية ..
لها نفوذ في ملفات اليمن، سوريا، العراق، لبنان وفلسطين، وتعتبر عامل إزعاج دائم للمشروع الصهيوني والغربي .
3. الموقف الروسي – الصيني – الهندي :
روسيا : ترى في استهداف إيران تهديدًا مباشرًا لحلفائها ولمشاريعها في المنطقة ، وقد تُصعّد دعمها لطهران عسكريًا واستخباراتيًا، خاصة بعد تنامي التحالف مؤخرآ بين البلدين .
كذلك تنظر الصين إلى إيران كشريك استراتيجي في مشروع ” طريق الحرير “، حسب عبدالواسع الحمدي ، واستقرارها مهم لمصالحها الاقتصادية ، وإن كانت تميل لتجنب المواجهات المباشرة.
أما الهند فموقفها أكثر تعقيدًا، فهي تُوازن بين علاقاتها مع واشنطن وتل أبيب من جهة، وحاجتها للنفط الإيراني ومشروع الميناء الإيراني (تشابهار ) الاستراتيجي من جهة أخرى والذي يقع بالقرب من الحدود مع باكستان وتأخر تنفيذه بسبب العقوبات الأميركية على إيران
ولكنها تحاول تجنب الاصطفاف العلني في أي صراع مع إيران أو إسرائيل والولايات المتحدة .
ويختم الحمدي حديثه بالقول ، في الأخير : رغم أن البرنامج النووي الإيراني يُستخدم كواجهة إعلامية للعدوان على طهران ، إلا أن الهدف الأعمق يتمثل في إعادة رسم خارطة الهيمنة العالمية، ومنع صعود قوى اقتصادية وعسكرية جديدة منافسة للولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاصة وللغرب بشكل عام.
اقرأ أيضا:التأثيرات الاقتصادية العالمية جراء الحرب الإسرائيلية الإيرانية