قضية «إعمار تهامة» _ «قصر السلطانة» _«تهامة فلافور» القصة الكاملة
الاربعاء4يونيو2025_ أسدلت محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة، الستار على واحدة من أكبر قضايا النصب والاحتيال وغسيل الأموال، كانت قد شغلت الرأي العام لفترة من الزمن.
وأصدرت المحكمة في جلستها، الثلاثاء الماضي 27 أيار/ مايو، برئاسة رئيس المحكمة القاضي سوسن الحوثي، الحكم في قضية «شركة إعمار تهامة للمقاولات» ورئيستها فادية عقلان.
وقضى منطوق الحكم بإدانة فادية عقلان وشقيقها محمد عقلان بالنصب والاحتيال على أكثر من سبعة آلاف مساهم، بمبالغ تجاوزت الثلاثة مليارات ريال.
وعاقبت المحكمة المدانين بالسجن سبع سنوات لكل منهما تبدأ من تاريخ القبض عليهما، وإلزامهما بإعادة أموال المساهمين بإجمالي مبلغ وقدره ثلاثة مليارات وواحد وستون مليوناً ومائة وواحد وثلاثون ألفا وثلاثمائة وخمسة وخمسون ريالا، بحسب الأسماء الواردة في الكشوفات المقدمة من النيابة العامة ومن المدانة الأولى والمرفقة بالحكم، على أن يتم خصم ما تم تسليمه للضحايا تحت مسمى أرباح.
وفي ذات الجلسة التي عُقدت بحضور عضو النيابة منصور أحمد فتح، وأمين سر المحكمة أحمد عبداللطيف الخولاني، قضت المحكمة بمعاقبة (سام. ن) بالحبس سنة مع الاكتفاء بالحبس مدة ستة أشهر ووقف التنفيذ عن باقي المدة.
كما غرمت المحكمة 3 صرافين بتهمة مخالفة قواعد البنك المركزي اليمني بدفع مليوني ريال لكل واحد منهم، تورد للخزينة العامة للدولة.
وبرأت المحكمة المتهم (م. ع. ر) من الواقعة المنسوبة إليه في قرار الاتهام لعدم كفاية الأدلة، وكذلك براءة المتهم (ن. ح. ي) من واقعة تبديد أموال محجوزة عليها قضائياً المنسوبة إليه في قرار الاتهام، حسب تقرير لـ عادل بشر في صحيفة (لا).
وفي نهاية الجلسة استأنفت المدانة الأولى الحكم الصادر ضدها.
وتُعد قضية شركة «إعمار تهامة للمقاولات» واحدة من أكبر قضايا النصب والاحتيال بعد «مجموعة قصر السلطانة» و«تهامة فلافور» التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
وكانت النيابة قد اتهمت مديرة شركة «إعمار تهامة» فادية عقلان بإدارة شركة وهمية واختلاس مبالغ مالية كبيرة من أموال المساهمين.
وبدأت محكمة الأموال العامة إجراءاتها للنظر في هذه القضية قبل أكثر من عامين.
وبحسب المعلومات فقد تمكنت فادية عقلان وشقيقها من جمع مبلغ من المساهمين تجاوز 3 مليارات و200 مليون ريال، خلال خمسة أشهر من إنشاء الشركة، حيث بلغت قيمة كل سهم 120 ألف ريال.
وبتأريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2020م، أصدرت النيابة العامة بياناً بشأن ما وصفته بـ»تناول العديد من وسائل الإعلام بصورة مشوهة لبعض القضايا المنظورة أمام النيابة العامة فيما يتعلق بالكيانات التي تمارس أنشطة شركات المساهمة».
وجاء في نص البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن «إجراءات الضبط والتحقيق التي تجريها نيابة الأموال العامة المختصة بقضايا الفساد المتعلقة في القضايا الخاصة بالكيانات التي تمارس أنشطة شركات المساهمة في تتبع أموال المواطنين الذين قدَّموا أموالهم إلى تلك الكيانات، قد أسفرت على ضبط وتحريز أموال نقدية خاصة بما يسمى مشغل قصر السلطانة، وشركة إعمار تهامة، وشركة هاني للعسل».
وأفادت النيابة أنه فيما يخص قضية ما تسمى شركة «إعمار تهامة» فقد أسفرت نتائج تحريات الأجهزة الأمنية وإجراءات التحقيق من قبل النيابة عن ضبط وتوريد المبالغ النقدية التالية:
مبلغ (2.101.659.701) اثنين مليار ومائة وواحد مليونا وستمائة وتسعة وخمسين ألفاً وسبعمائة وواحد ريالا يمنيا.
مبلغ (146.731) مائة وستة وأربعين ألفاً وسبعمائة وواحد وثلاثين دولارا أمريكيا.
مبلغ (74.200) أربعة وسبعين ألفاً ومائتي ريال سعودي.
وأوضحت أن تلك المبالغ أودعت حسابات أمانات النيابة العامة في البنك المركزي لحين استكمال إجراءات القضية.. مشيرة إلى أن المتهم الرئيسي في تلك القضية أفصح في تحقيقات النيابة عن عدد من الأصول العقارية (أراض) تم شراؤها باسمه وأسماء أشخاص على علاقة به من أقاربه وغيرهم.
قصر السلطانة
إصدار الحكم في قضية «إعمار تهامة» منح الآلاف من ضحاياها الأمل بعودة أموالهم التي ساهموا بها في هذه الشركة دون التأكد من حقيقة الشركة والأعمال والأنشطة التي تمارسها، قبل أن يقعوا في عملية نصب واحتيال لم تخطر على بالهم، غير أن هذا الأمل سرعان ما يتبدد كلما تذكر هؤلاء الضحايا أن قضية مشابهة سبق أن تم إصدار الحكم فيها قبل نحو عامين، ومازال ذلك الحكم حتى الآن، حبراً على ورق، وتلك القضية هي ما تسمى بـ«مجموعة قصر السلطانة».
وكانت محكمة الأموال العامة برئاسة القاضي سوسن الحوثي قد أصدرت في 7 حزيران/ يونيو 2023م، حكمها في قضية «قصر السلطانة» ورئيستها بلقيس الحداد.
وقضى منطوق الحكم، في هذه القضية المُتهم فيها 82 شخصاً (52 امرأة و30 رجلاً)، بإدانة 76 شخصاً بالاحتيال والنصب على 110 آلاف مواطن في الفترة من كانون الثاني/ يناير 2016 الى 15 تموز/ يوليو 2020م، وتحصلوا من خلالها على مبالغ مالية تقدر بـ66 ملياراً و314 مليوناً و405 آلاف ريال.
وقررت المحكمة السجن بالنفاذ من سنة إلى 10 سنوات لـ33 مداناً، والسجن سنة مع وقف التنفيذ لـ31 مداناً، وبراءة 5 متهمين.
كما قضت المحكمة بإلزام المدانة الحداد ومعها المدان عيسى الصلوي بتسليم مبلغ 27 ملياراً و729 مليوناً و358 ألف ريال، قيمة ما سمي بالأسهم الخاصة بالضحايا خلال الفترة (كانون الأول/ ديسمبر 2019م – آذار/ مارس 2020م)، من مبلغ 50 ألف ريال للسهم الواحد، باعتبار أنهم قد استلموا أرباحا لمرة واحدة، ومن نيسان/ أبريل إلى تموز/ يوليو 2020م، من مبلغ 100 ألف ريال.
وتضمن منطوق الحكم، أيضاً، إلزام المدانة الثانية وزوجها بتسليم مبالغ مالية كبيرة بعملات يمنية وسعودية، كانا قد استلماها من الضحايا، ومبالغ أخرى تحت مسمى أرباح سنوية وعمولات.
وشدد الحكم على مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة المضبوطة والمحجوزة على ذمة القضية، وألزم النيابة العامة ببيع العقارات والأموال غير المنقولة والمنقولة بالمزاد العلني وتوريد ثمنها لصالح الضحايا وتوزيع ما تم تحصيله من أموال على الضحايا بحسب الكشوفات المقدمة من المدانين والمرفقة بملف القضية.
وأستأنف المدانون الحكم الصادر ضدهم، ومنذ ذلك الوقت لازالت القضية في محكمة الاستئناف ولايزال الضحايا وهم بالآلاف ينتظرون عودة أموالهم، بينما يبدو أن حبال القضاء طويلة للغاية.
تهامة فلافور
في السياق، أيضاً، يأتي إصدار الحكم في قضية «إعمار تهامة» بينما قضية أخرى مشابهة، وهي ما تُسمى بـ«شركة تهامة فلافور للاستثمار والتطوير العقاري» لازالت عالقة بين قاعات محكمة جنوب شرق الأمانة، لأكثر من عام ونصف، وقرابة 31 جلسة عقدها رئيس المحكمة القاضي مصطفى محمد مكشم، للنظر في هذه القضية المتهم فيها 41 شخصاً على رأسهم فتحية المحويتي، رئيس مجلس إدارة «تهامة فلافور».
وتتهم النيابة العامة المتهمين الـ41 بأنهم جمعوا مبالغ مالية كبيرة من الضحايا تتجاوز 136 مليارا و966 مليون ريال يمني، و19 مليونا و23 ألف ريال سعودي، و7 ملايين و938 ألف دولار، وفق نظام الاحتيال المالي المعروف عالمياً بـ«مخطط بونزي» وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية، ونصب، واتخاذ مظاهر مادية كاذبة، وأسماء تجارية غير صحيحة، وأوهموا ضحاياهم، وعددهم في النظام المحاسبي للشركة يتجاوز 13589 ضحية، بوجود أنشطة استثمارية (عقارية، تجارية، صناعية) مربحة يتم من خلالها تشغيل وإدارة أموال المساهمين واستثمارها للحصول على أرباح سريعة وعوائد مرتفعة، في حين أن ما سُمي بـ«الأنشطة الاستثمارية» ما هي إلا مشاريع صغيرة أنشأها وسجلها المتهمون بأسمائهم من أموال الضحايا ولم تدر أي أرباح يمكن تسليمها للمساهمين، وعززوا تلك المزاعم والأكاذيب بتوزيع مبالغ مالية من أموال الضحايا الجدد للضحايا القدامى باسم أرباح شهرية وفصلية، وهو ما جعل المجني عليهم يعتقدون بصحتها فوقعوا ضحية التدليس والخداع، ناهيك عن إبرام ما أسمي بـ«عقود المضاربة» المتضمنة الوعد بأرباح وهمية محددة سلفاً تصل أحياناً إلى نسبة 5% من رأس المال، والاستعانة بعدد من الأشخاص المرتبطين بهذه الأعمال (الوسطاء) لتأييد مزاعمهم وجذب أكبر عدد ممكن من الضحايا.
وأشار قرار الاتهام إلى أن المتهمين في تلك العمليات تخفوا وراء كيانين وهميين هما «مؤسسة تهامة فلافور للاستيراد والاستثمار العقاري والتجاري» و«شركة تهامة فلافور للتجارة والاستيراد والخدمات العامة» وكيان قانوني هو «شركة تهامة فلافور للاستثمار والتطوير العقاري»، وهذا الكيان لا تخولهم طبيعته القانونية تلقي الأموال أو طرح الأسهم.
كما قام المتهمون، وفقاً للنيابة، بإنشاء مقرات وفروع بأسماء هذه الكيانات، في أمانة العاصمة ومحافظات ذمار وإب والمحويت، وروجوا لذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي، واستضافوا مسؤولين حكوميين، وبهذا استطاعوا جمع المبالغ المالية المذكورة مما مكنهم من اكتساب أصول مالية ومزاولة أنشطة تجارية وعقارية في الداخل والخارج، وحيازة مقتنيات ثمينة لا تتناسب مع وضعهم ودخلهم المادي.
وقام المتهمون، وفقاً لقرار الاتهام، بغسل الأموال المحصلة من جريمة النّصب، باكتساب أصول مالية عقارية، ومنقولات بأسمائهم. كما قامت المتهمة الأولى وخمسة من المتهمين في القضية بالإدلاء أمام وزارة التجارة والصناعة بإقرارات كاذبة وبيانات غير صحيحة في عقد التأسيس والنظام الأساسي لما سُمي بـ«شركة تهامة فلافور للاستثمار والتطوير العقاري والتجاري»، تفيد بإيداعهم مبلغ مائة مليون ريال لدى أحد البنوك وتوزيع الأسهم النقدية فيما بينهم عند التوقيع خلافاً للحقيقة وذلك لاكتساب صفة الشركاء المؤسسين وحصلوا بموجب ذلك على الترخيص الوزاري بتاريخ 13 شباط/ فبراير 2019م، بتأسيس الشركة المذكورة.
وحالياً بعد عقد المحكمة قرابة 31 جلسة في هذه القضية برئاسة القاضي مصطفى مكشم، جاء قرار مجلس القضاء الأعلى، الأربعاء الماضي 28 أيار/ مايو، بشأن نقل عدد من القضاة من مواقعهم السابقة إلى أخرى ليتم نقل القاضي مصطفى محمد مكشم من رئاسة محكمة جنوب شرق الأمانة، وتعيينه رئيساً للشعبة المدنية الأولى بمحكمة استئناف أمانة العاصمة، الأمر الذي أثار القلق لدى العديد من ضحايا ما تُسمى بـ»شركة تهامة فلافور»، كونها قضية شائكة وتتضمن عشرات الملفات ومئات المستندات، وسيحتاج القاضي الجديد إلى فترة طويلة للاطلاع على ملفات القضية والإلمام بجميع جوانبها، بخلاف القناعة التي تتولد لدى القاضي من خلال جلسات النظر في القضية وما تشهده تلك الجلسات من مرافعات ونقاشات وغير ذلك.
الصدفة تقود للسقوط
الجدير بالذكر أن الصدفة وحدها هي من أوقعت بشركة قصر السلطانة ، في هذا الاطار تقول مصادر لـ إكنومي أن بلقيس الحداد ذهبت إلى وزارة الصناعة وكان الوزير حينها اللواء عبدالوهاب الدرة ، وذلك لشكوى عدم استخراج تراخيص لشركتها، وعند فحص الأوليات تبين ان عمل الشركة وإيراداتها وأصولها بالمليارات ، والترخيص كان عبارة لترخيص معمل خياطة ، من هنا بدأ الشك ، وتم القبض عليها في ليلة نفس اليوم، وبعد سقوطها والبدء في إجراءات المحاكمة ، بدأ الشكوك تدور حول الشركات الأخريات التي تعمل على نفس المنوال ، وتم التحري أن أعمال هذا الشركات تهامة لافور وإعمار تهامة، حتى تم القبض على قيادات هذا الشركات.
مصير المبالغ المحجوزة
بعد القبض على قيادات هذه الشركات والتحفظ على أموال وأصول هذه الشركات يتساءل الكثير عن مصير هذه الأموال ، ولماذا لم يتم توزيعها على ضحايا هذه الشركات ، في هذا الإطار تؤكد المصادر أن المبالغ والأصول المحتجزة لا تفي المبالغ التي عند هذه الشركات.
طريقة عمل هذه الشركات
وحول عمل هذه الشركات تقول المصادر أن عملها يتم بشكل هرمي فمثلا يتم شخص بإقناع شخص آخر بإيداع مبالغ لدى هذه الشركات ، وذلك مقابل الحصول على مبلغ معين ، فمثلا عند إيداعك لمبلغ مليون ومائتين وخمسين ألف ريال ، يحصل المودع على قسيمة بـ 12500 ريال يشتري بها ملابس من معرض الشركة، ويحصل الشخص الذي جاء عن طريقة على عمولة 12500 ريال نقدا ، وكلمات كانت المبالغ أكبر تكون مبالغ العمولة أكبر وهكذا،وبدأ النصب على أكثر من 13 ألف شخص ، فهناك من باع بيته ، وآخر من باع أرضه وهكذا من اجل المكسب السريع والسهل ، وقد بدأ إنشاء هذه الشركات في الفوضى التي شهدتها اليمن في العام 2011 ، وكان يعمل معهن إعلاميين لتلميعهن وتلميع ما يقمن به من عمليات نصب، واستمرت هذه الشركات الوهمية في العمل حتى تم القبض على قيادات هذه الشركات.
من خلف هذه الشركات
بلقيس الحداد ، فادية عقلان ، فتحية المحويتي ، يرى الكثير أن هذه النساء الثلاث مجرد واجهة ، إذ لا يمكن لثلاث نسوان وتعليمهن محدود نسبيا أن يعملن كل ذلك ، وان هناك شخصيات كبيرة خلفهم وداعم لهن ، وتم التسهيل لكل الأعمال التي كانت تتم بأسمائهن ، لكن لماذا لم يظهر أحد سواهن ولماذا لم يتحدثن عن من يقف ورائهن؟
شركة الأحياء البحرية
سقوط هذه الشركات ذكرت الكثير بشركة الإحياء البحرية التي أنشأها الشيخ الزنداني ، وكيف تم الإيقاع بالكثير في شركة وهميه ، وكيف تساهل النظام السابق في هذه القضية وتم النصب على الآلاف من الأشخاص الذي باعوا كل ما لديهم لشراء أسهم هذه الشركة ، خاصة أن الزنداني كان في ذلك الوقت عضو مجلس الرئاسة بعد الوحدة ، لكن تبخرت كل تلك المبالغ وتبخرت الشركة ولم يتم فتح هذه القضية حتى اليوم.
البحث عن شركات ناجحة
هذه القضايا تؤكد رغبة المجتمع اليمني في المساهمة في إنشاء شركات استثمارية عملاقة ، وإنهم مستعدين لبيع كل ما يملكون من اجل ذلك ، إذا ما وجدوا من يوجههم التوجيه الصحيح ، وهذا عمل الدولة ، خاصة أن اليمن واعدة بالفرص الاستثمارية وفرص النجاح كبيرة بشكل كبير ، منها الاستثمار في المجال الزراعي والسمكي والصناعي، والاتصالات وأيضا العقاري وغير ذلك الكثير .
اقرأ أيضا:تحذيرات من طباعة عملة جديدة
الصورة افتراضية تم تولييدها عبر الذكاء الاصطناعي