حصار أميركا على فنزويلا وعلاقته بالاقتصاد الروسي

حصار أميركا على فنزويلا وعلاقته بالاقتصاد الروسي
الجمعة 19 ديسمبر 2025-
موسكو – في خطوة وُصفت بأنها تحمل أبعادًا تتجاوز حدود فنزويلا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض حصار شامل على ناقلات النفط المتجهة إليها أو المغادرة منها، ليضع بذلك واحدة من أكثر أسواق الطاقة اضطرابًا تحت ضغط مباشر، ويثير انعكاسات اقتصادية تمتد حتى موسكو.
القرار الأميركي، الذي جاء بعد شهر واحد من موافقة البرلمان الفنزويلي على تمديد مشاريع النفط المشتركة مع روسيا حتى عام 2041، بدا وكأنه يستهدف تقويض التحالف الاستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة. فالمشاريع المقررة – التي تشمل تطوير حقول رئيسية مثل “بوكيرون” و”بتروبيريجا” باستثمارات تتجاوز 616 مليون دولار – تواجه الآن تحديات لوجستية ومالية معقدة، نتيجة الحصار البحري والقيود على حركة ناقلات النفط.
يرى خبراء روس أن الحصار يوجّه ضربة مباشرة لشركات مثل “روسنفت” و”لوك أويل”، التي تعاني أصلًا من العقوبات الأميركية. فتعقيد الخدمات اللوجستية وفرض رسوم جمركية إضافية على السلع المرتبطة بالنفط الفنزويلي يرفع تكلفة التعاون الدولي، ويزيد من المخاطر التجارية. ورغم أن ارتفاع أسعار الطاقة – الناجم عن تقليص الإمدادات العالمية بنحو مليون برميل يوميًا – قد ينعكس إيجابًا على الميزانية الروسية، فإن عدم استقرار السوق والتهديد بفرض عقوبات ثانوية على شركاء موسكو، مثل الصين، يحد من هذه المكاسب.
العقوبات الأميركية لا تقتصر على النفط وحده؛ إذ إن تجميد مليارات الدولارات من أصول الحكومة الفنزويلية وشركتها الوطنية للنفط يحرم كراكاس من السيولة اللازمة لسداد ديونها الخارجية، بما فيها القروض الروسية. كما أن القيود على تداول السندات الفنزويلية تقلل من سيولتها، وتعرقل خطط “النفط مقابل الديون” التي اعتمدتها موسكو سابقًا.
ومع ذلك، لم تخلُ التطورات من فرص اقتصادية لروسيا. فقد حلت موسكو محل واشنطن كمورد رئيسي لمنتج “النفثا” المستخدم في تخفيف النفط الفنزويلي الثقيل، حيث تجاوزت الإمدادات الروسية 7 ملايين برميل خلال الفترة من مارس/آذار إلى أكتوبر/تشرين الأول 2025. هذا الدور الجديد يعزز مكانة روسيا في سوق الطاقة العالمية، لكنه يضعها أيضًا أمام خطر مواجهة عقوبات أميركية إضافية، خاصة بعد اضطرار بعض ناقلاتها إلى تغيير مساراتها خشية المصادرة.
في المحصلة، يظهر الحصار الأميركي على فنزويلا كأداة ضغط مزدوجة: فهو يهدد استقرار اقتصاد كاراكاس، ويضع الاقتصاد الروسي أمام معادلة معقدة تجمع بين مكاسب مالية محتملة ومخاطر جيوسياسية متزايدة، في وقت تسعى فيه موسكو إلى الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية في أميركا اللاتينية رغم العزلة المالية المفروضة.
اقرأ أيضا: اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين سلطنة عُمان والهند



