أزمة النفط بين واشنطن وكراكاس… صراع قديم يتجدد مزاعم استعادة “الأصول المسروقة”
الأربعاء 24 ديسمبر 2025-
في 16 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن فنزويلا “استولت على النفط والأراضي والأصول الأميركية”، مؤكداً أن الحصار البحري المفروض على ناقلاتها سيستمر حتى تعيد تلك الممتلكات.
تصريحات ترامب جاءت عبر منصته “تروث سوشيال”، قبل أن يكرر أمام الصحفيين أن شركات النفط الأميركية طُردت من فنزويلا وأنه يسعى لاستعادة ما فقدته.
مستشاره ستيفن ميلر وصف التأميم الفنزويلي بأنه “أكبر عملية سرقة مسجّلة”، معتبراً أن الأصول المنهوبة استُخدمت لتمويل الإرهاب وتهريب المخدرات.
وذلك كتبرير نهب النفط الفنزويلي، في المقابل حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن استمرار الحصار سيشل مالية فنزويلا التي تعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط.
فنزويلا، صاحبة أكبر احتياطيات نفطية في العالم، شهدت منذ مطلع القرن العشرين هيمنة شركات أميركية وبريطانية على نحو 98% من قطاعها النفطي، قبل أن تبدأ مسيرة التأميم تدريجياً منذ قانون 1943 الذي ألزم الشركات الأجنبية بالتنازل عن نصف أرباحها، وصولاً إلى تأميم كامل القطاع عام 1976، ثم استكمال الرئيس هوغو شافيز السيطرة على حقول “حزام أورينوكو” عام 2007. هذه السياسات كبّدت شركات أميركية مثل إكسون موبيل وكونوكو فيليبس خسائر بمليارات الدولارات، دفعت بعضها إلى التحكيم الدولي للحصول على تعويضات محدودة.
تجربة فنزويلا لم تكن استثناءً؛ فقد سبقتها دول عدة مثل السعودية والعراق وإيران وليبيا والمكسيك في تأميم مواردها النفطية، ضمن سياق عالمي أوسع للتحرر من هيمنة الشركات الأجنبية. غير أن واشنطن اعتبرت الخطوات الفنزويلية إضراراً بمصالحها، خصوصاً مع خسائر تجاوزت 5 مليارات دولار لشركاتها، بينما لم تدفع كراكاس كامل التعويضات المقررة بسبب أزماتها الاقتصادية بسبب العقوبات الامريكية أساسا.
اليوم، ومع تراجع إنتاج النفط الفنزويلي من 3–4 ملايين برميل يومياً إلى نحو 900 ألف فقط، معظمها يتجه إلى الصين، تتهم الإدارة الأميركية حكومة نيكولاس مادورو باستخدام العائدات في أنشطة غير مشروعة، بينها تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية. وقد صادرت البحرية الأميركية مؤخراً ثلاث ناقلات فنزويلية في الكاريبي، ما أثار جدلاً داخلياً؛ إذ أظهر استطلاع حديث أن غالبية الأميركيين يعارضون قيام واشنطن الاستيلاء على هذا الناقلات والهجوم على القوارب الفنزويلية كما يعاضون كذلك العمل العسكري ضد فنزويلا.
المعلق كريس برينان كتب في صحيفة “يو إس إيه توداي” أن الأزمة تحمل ملامح “حرب محتملة”، معتبراً أن تركيز ترامب على النفط يرتبط بإمكانية تغيير النظام في كراكاس. وبينما يرى البعض أن واشنطن تدافع عن مصالحها، وفي الأساس ترامب يدافع عن مصالحه الشخصية هو باعتباره تاجر محترف وليس رئيس دولة.
آخرون يطرحون سؤالاً أوسع وهو: هل من حق الولايات المتحدة أن تفرض سيطرتها على موارد بلد آخر مدى الحياة، في حين أن التأميم كان خياراً سيادياً اتخذته دول عديدة عبر العالم؟
