في اليمن… بأية حال عدت يا عيد

في اليمن… بأية حال عدت يا عيد

الأحد6أبريل2025_

   مع استقبال عيد الفطر المبارك، اكتسحت الأسواق اليمنية ملابس متنوعة من بلدانٍ كثيرة، إلا أنها تجاوزت الملابس الصينية بكثير من حيث رداءتها وانعدام جودتها، لا من المواد الخام، أو التصاميم، أو المتانة فحسب بل لأنها أقرب لموادٍ بلاستيكيةٍ خطيرة، قد تؤثر على صحة اليمنيين وعلى أطفالهم واحتفالاتهم وفرحتهم بالعيد. ويوازي هذا الاكتساح، اكتساح من نوع آخر، يتمثل في موضة التخفيضات التي عمَّت كل المولات والمحلات الكبيرة التي تبيع هذه الملابس وغيرها من المواد والسلع الاستهلاكية، وهي بالتأكيد تخفيضات وهمية تقوم على استغلال المناسبات من جانب التجار، الذين يقومون باستغلال حاجة الناس لإحياء مناسبات العيد، فيُعلنون تخفيضاتٍ وهمية عبر رفع الأسعار مُسبقاً، ثم خفضها بشكلٍ زائف، أو عرض سلعٍ مُكدَّسة منذ سنوات بأسعارٍ ليست أقل من قيمتها الحقيقية، وكمثالٍ حيّ على ذلك، لجوء تجار سوق الزُّمر في العاصمة صنعاء إلى هذه الممارسة منذ سنوات الحرب. أما كارثة الكوارث وثالثة الأثافي فتتمثل في استيراد ملابس رديئة ومسرطنة وعرضها بأسعارٍ مخفضة من أجل جذب المواطنين لشرائها دون فحص جودتها، وتحديداً في ظل الأزمة الإنسانية والاقتصادية الطاحنة التي يعيشها اليمن منذ سنوات ماضية، بسبب الحرب الأهلية المستمرة والانهيار الاقتصادي المتواصل يوماً بعد آخر، والتناقص والانخفاض الكبير في قيمة الريال اليمني أمام سلة العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، بما فيها الملابس، حتى أن السلع المحلية الصنع أصبحت هي الأخرى باهظة الثمن وغير مقدورٍ على شرائها، بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة ونقص المواد الخام، وهذه العوامل وغيرها أوصلت الشعب اليمني إلى درجة الفقر المدقع، حيث يعيش أكثر من (80%) منهم تحت خط الفقر، كما أن معظم العائلات تُنفق جلَّ مدخولاتها على الغذاء والدواء، فلا يتبقى سوى مبالغ ضئيلة لشراء ملابس العيد، مما يدفعهم إلى شراء الأرخص والأقل جودة، حتى لو كانت غير متينة أو غير صحية أو ذات مخاطر مستقبلية، وبالتالي زيادة الطلب على هذه المنتجات الرديئة. من جانبٍ آخر، فإن انعدام الوعي الاستهلاكي المجتمعي، مع انعدام البدائل وضغط التقاليد الاجتماعية، يجعل الناس يلجأون إلى الشراء دون مقارنة الأسعار أو فحص الجودة والمتانة ومصادر المواد الخام، فيسهل خداعهم والنصب عليهم، نظراً لغياب الدولة ككيانٍ مُسيطر وقائم بحد ذاته، وهنا تكون الرقابة شبه منعدمة أيضاً، نتيجةً للافتقار إلى مؤسساتٍ فاعلة لمراقبة الأسواق، وهذا الأمر يسمح لبعض التجار غير المسؤولين ببيع بضائع منتهية الصلاحية أو مغشوشة. ومن كل ما سبق يتضح لنا حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني من أقصاه إلى أدناه، ولعلي أجريت مسحاً ميدانياً في بعض الأسواق في مدينتي صنعاء وعدن، وكانت الكارثة ماثلة أمام عيني، حيث يتزاحم المواطنون للإقبال على شـراء هذه الملابس، وكأنها فرصة لا تُعوض، والسبب في ذلك يعود إلى واقعهم المرير المتمثل بتحوّل العيد من مناسبةٍ للفرح إلى رمزٍ للمعاناة، حيث تُجبَر هذه الأسـر على الاختيار بين شـراء الطعام أو ملابس العيد، الأمر الذي زاد من مشاعر الإحباط لدى اليمنيين، خصوصاً الأطفال الذين يحرمون من أبسط مظاهر الفرح في هذه المناسبات الكبيرة، لتقع الأسـر اليمنية بين رحى الشـراء وسندان الوجع من تأثيرات تلك الملابس على أطفالهم في المستقبل!

اقرأ أيضا:ملابس العيد للأطفال .. أسعار خيالية وجودة رديئة

Exit mobile version